من أين لك هذا؟

من أين لك هذا؟
عبد الله إبراهيم الطاهر

صديقي صاحب القبعة يصر على الدوام أن يغضبني بلا وجه حق، ودون مبرر، فكل شئ يجده في يدي حتى لو كانت قطعة (طعمية) يسألني بنبرة مفخمة بعض الشئ: من أين لك هذا؟، فأقول وأنا أتميز غيظاً: هو من عند الله رزقاً ساقه إليّ.
فماذا أفعل له يا سادتي.
كنت سأكون في حال غير هذا لو كنت مسؤولاً كبيراً وتشكك الناس في ممتلكاتي الكثيرة وكنت سأقف مرتفع الرأس لأقول أن هذه الأموال هي أموالي لوحدي وليس للمنصب دور فيها، وكنت سأجد طريقة لدى صديقي صاحب القبعة تخرجني من الورطة التي "ربما" أكون قد أدخلت فيها نفسي بلا تفكير، وبالطبع لن أكون مثل ذلك الوزير العربي الذي سأحكي لكم قصته.
في ذات مساء دمشقي ساحر حكى لي الممثل والتشكيلي بسام كوسا نكتة تقول إن وزير إحدى الدول العربية ذهب في مباحثات مع نظيره في دولة أوروبية وبعد إنتهاء جلسات العمل ذهبا لتناول مأدبة العشاء بالفيلا الخاصة بالوزير الأوروبي، فانبهر الوزير العربي بجمال وفخامة منزل الوزير فقال له: هل هذه البناية الفخمة من راتبك كوزير؟
فرد عليه الأوروبي باسماً وهو يكرر السؤال في صيغة تعجب: راتب الحكومة؟!!!
ثم قال له وهو يفتح (بلكونة) تطل على جسر من على بعد: هل ترى ذلك الجسر؟
الوزير العربي: نعم.
الأوروبي: كلف بناء هذا الجسر على الورق 10 ملايين (....)، وفي الواقع تكلفته لم تتجاوز 9 ملايين.
فهز العربي رأسه متعجباً ومندهشاً ...
ويبدو أن الدهشة التي عاد بها الوزير العربي إلى بلاده بسبب طريقة (التكويش) الأوروبية غير المتطورة، فالوزير الأوروبي الذي لم يتوانى في فتح قلبه للعربي بما (يكوشه) من مال مساكين الشعب الأوروبي في تلك الدولة أتضح أنه (لا يفهم) جيداً في الأساليب الحديثة (للتكويش).
لكن صديقي صاحب القبعة له وجهة نظر مختلفة عن (فهم) الوزير، فهو يعتقد أن هذه الطريقة (فهلوية) في حال بروز السؤال الذي لا يحبه الوزراء (من أين لك هذا؟)، وبالرغم من أنني لم أتفق لا مع الوزير الهمام ولا صديقي صاحب القبعة، فإنني حمدت الله أنني لست وزيراً.
وبعد سنوات جاء نفس الوزير الأوروبي إلى الوزير العربي لمباحثات أخرى، وبعد إنتهاء الاجتماعات الرسمية، وبكرم "حاتمي" كانت مأدبة الوزير العربي في الانتظار على أكمل وجه بفيلا الوزير، فوجد الأوروبي أن الوزير العربي يمتلك فيلا أجمل وأفخم من التي يمتلكها، فقال الأوروبي: هل هذه الفيلا الفخمة من راتب الحكومة؟.
فضحك صاحبنا العربي وقال: راتب حكومة؟!!!
وفتح باب (البلكونة) وقال: هل ترى ذلك الجسر؟.
فرد الأوروبي: لا.
فقال العربي: تكلفة هذا الجسر 10 ملايين (....) فقط!!!.

تعليقات

‏قال karoury…
الوزراء العرب عبروا بحورا لا تدركها خيول الغرب اوبس قصدي خيال الغرب

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دارفور ... الحقيقة الغائبة والإنسان الضائع

السلام في أفغانستان ... الكاسب والكاذب